للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه: أنه دخل في البلاء على صفة، فخرج منه كما دخل فيه، وما تغيَّر منه حال ولا مقال.

وهذه الجملة التي أنبأناكم هاهنا والقانون الذي نبَّهناكم عليه يَدُلُّ على ذلك المفسَّر كله؛ لمن ألقى السمع واعتمد النفع إن شاء الله (١).

ذِكرُ مُحَمَّدٍ -:

وأمَّا محمَّد فإن أَمْرَه (٢) عظيم، وقَدْرَه كريم، رُزِقَ العافية، ومُكِّنَ له في الأرض، ومَلَكَ أعداءه فمَنَّ عليهم، وسُوِّدَ على جميع الخلق، وأُعْطِيَ لواء الحمد، ورُفِعَتْ دَرَجَتُه على الخلق، يُشَفِّعُه في خلقه، ويُجْلِسُه معه على عرشه (٣)، ويُقَدِّمُ على الأُمَم أُمَّتَه، ويستشهد به وبهم على ما علَّمه؛ ليُظهر المزيَّة، ويُعْلِيَ المرتبة، ويُوجِبَ الشرف الأقصى، وذلك ليس بعمل استوجبَه، وإنَّما هو تَفَضُّلٌ منه سبحانه عليه، وكذلك جميع الخلق؛ من الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقرَّبين، والخلق أجمعين.

ولئن كان أعطى سبحانه المنازل للأنبياء بالبَلاء، فلقد أعطاها لمُحَمَّدٍ بالعافية والعَلاء، وضاعف الأجر لأُمَّتِه في حُرْمَتِه، فقال سبحانه: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد: ٢٨]، وقال النبي في الصحيح - واللفظ للبخاري -: عن ابن عمر مجموعًا، قال النبي على المنبر: "إنما بقاؤكم فيما سَلَفَ من قبلكم من الأمم، أو إنما أَجَلُكم في أَجَلِ (٤) من خَلَا


(١) قوله: "إن شاء الله" لم يرد في (س).
(٢) في (ص): فأمره.
(٣) تقدَّم الكلام عليه، وتقدَّم بيانُ نكارته.
(٤) قوله: "في أجل" سقط من (د).