قام تحقيقنا لكتاب "سراج المريدين" على عشر نسخ، أفدنا منها رغم اختلاف النسخ فيما بينها؛ صحَّة وضَعْفًا، فبعض هذه النسخ في أوراق، وبعضها مبتور، ومع ذلك فقد بذلنا وسعنا في الإفادة منها جميعًا، حتى أمكننا إخراجُ هذا الكتاب مُحَقَّقًا على أصول علم التحقيق وقواعده.
وظهر لنا من خلال المقارنة بين النسخ أن الإمام الحافظ أبا بكر بن العربي قد أخرج "سراجه" إلى الناس في إبرازتيْن اثنتيْن، وتلك عادة الإمام الحافظ في كتبه، فهو دائم النظر فيها بالإصلاح والتهذيب، وبالزيادة والنقصان، ومع ما يطرأ على الآدَمِيِّ من عوارض السهو والنسيان والوهم الذي جُبِلَ عليه؛ يبقى الرجوع إلى الكتاب بما يُقَوِّمُه يكاد يكون فرضًا مُتَعيِّنًا، فمع كل قراءة ومدارسة يقع النظر بتغيير وتبديل الألفاظ والعبارات، وحذف الزائد، وضبط المهمل، وإصلاح الغلط، وهكذا كان الإمام الحافظ في سائر كتبه، فلهذا يُوجَدُ -أحيانًا- هذا الاختلاف بين النسخ؛ تبعًا لطريقة القاضي هذه.
ونشرع في وصف هذه النسخ التي اعتمدناها في تحقيقنا للكتاب، ذاكرين ما يتعلَّق بها ممَّا درج الناس على تَقْيِيدِه وذِكْرِه.