للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاني؛ حتَّى يفسروا كتاب الله بكلام رسول الله لا بآرائهم الفاسدة المُرَكَّبَةِ على عقولهم الناقصة؛ لسَلِمُوا من العثرة التى لا لعًا (١) لها (٢).

[المرجع الثاني]

لمَّا رأى أن قومه معاندون له مكابرون، عاصون له منكرون، متربصون به الدوائر معذِّبون (٣)، حتَّى أنَّ أباه معهم؛ خرج إلى ربه مهاجرًا، ورجع إليه معتزلًا منفردًا، فأقام ببيت رامة (٤) على فرسخ من مولده، مُتَعَبِّدًا في محرابه لا يبرح منه.

[مُقَامُ ابنِ العربي ببيت رامة عاكفًا وعابدًا وذاكرًا]:

وقد دخلناه ليلًا ونهارًا، وذكرنا الله فيه سِرًّا وجِهارًا، واعتكفنا وقرأنا وصلَّينا أطوارًا، شهورًا وسِنِين، على سَنَنٍ من الهدى مُسْتَبِين، وفي أطيب حياة، في مسيرة أشهر- لا ليالي- آمنين، ثم جاء القَدَرُ بفُرْقَةٍ غَشَتِ القلوب حُرْقَة، فلَبِسَ (٥) ثوبَ الحزن بقيَّة الدهر حين فَقَدَ أولئك الأصحاب، وحال القَدَرُ بينه وبين أولئك الأحباب، استبدل الأُنْسَ بالوحشة، والعلماء بالجهَّال، والأولياء بالأعداء، والمعين بالقاطع، وأَخَذَ


(١) أي: لا انتعاش بعدها، ويقال: لا لعًا لفلان، أي: لا أقامه الله، تاج العروس: (٣٩/ ٤٦١).
(٢) في (د) و (ب): حتى يفسروا كتاب الله بكلام رسول الله لسلموا من العثرة التي لا لعًا لها، لا بآرائهم الفاسدة المركبة على عقولهم الناقصة.
(٣) في (ب): مقدمون.
(٤) قال ياقوت المستعصمي في معجمه: "قرية مشهورة بين غور الأردن والبلقاء" (١/ ٥٢٠).
(٥) أي: ابن العربي.