للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مَغْلَطَةٌ]:

وظنَّ بعضُ الناس أن حافظ الفروع فقيه، وليس بفقيه ولا حافظ، لأنَّ حِفْظَها ليس بفِقْهٍ في دين الله، ولا في العربية المطلقة، وإنَّما الفقيه من فَهِمَ ما قال الله وما قاله (١) رسولُه، لا ما قال من لم يلزم اتِّبَاعُه، وقد بيَّنَّا في كتاب "العواصم" (٢) السَّبَبَ الذي أوجب اقتصار الناس على استظهار المسائل، ومقصودُهم به في الأكثر أَكْلُ الدنيا، والمُغْتَرُّ (٣) من اعتقد أنها فِقْهٌ.

[التمكنُ في الدين شَرْطُ التمكن من الدنيا]:

وجهلوا طريق الدين والدنيا (٤)؛ أمَّا طريق الدين فمَهْيَعٌ، وأمَّا الطريقُ المُوصِل إلى الدنيا المُمكِن فيها فهو التَّمَكُّنُ في الدِّين، وبحسب تمكنه من الدين يكون تمكنه من الدنيا، وقد بيَّن - الله ذلك في كتابه الكريم بقوله تعالى في أهل الكتاب: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٦]، وإقامتُها نَصْبُها أمامهم بين أعينهم، ينظرون إليها، ويَمْتَثِلُون ما فيها.

قال لهم: ولو فعلتم ذلك لمُطِرَتْ سماؤكم، وأَنْبَتَتْ أرضكم.

وفي قَوْلٍ: لكثرت الخيراتُ لديكم، وامتلأت من الدنيا أيديكم، كما يقال: "فلان في الخير من قَرْنِه إلى قَدَمِه".


(١) في (ك) و (ب) و (ص): قال.
(٢) العواصم: (ص ٣٦٥ - ٣٦٧).
(٣) في (ك) و (ب): وللمغتر اعتقاد، في (ص): وللمعتز له اعتقاد.
(٤) في (ك) و (ب) و (ص): الدنيا والدين.