للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَصحُّ ذلك في نفسك وفي غيرك، فإنك إذا كسرتْ شهوة من شهواتك انكسرت سَوْرَةٌ (١) أخرى، وتَدَاعَى الكُلُّ للذهاب، وإذا كَسَرْتَ شهواتك تعدَّى ذلك منك إلى غيرك بالاقتداء والتغيير.

رِبْحُ العُمُرِ:

لا سيما والمَرْءُ بين عبادة (٢) وعادة، يُعِينُ عليها سَعْيٌ في الرزق، ومَعَاشٌ للقوة، وعَوْدٌ إلى الأصل بالعبادة، فإذا أَفْنَيْتَ عُمُرَك في هذه العادة وفي (٣) هذه العبادة كان رِبْحًا كله، وكان محسوبًا لك لا عليك، والإقلالُ من النَّوْمِ رِبْحٌ بالإِقْلَالِ من الأَكْلِ، فإنه مَوْتٌ قاطعٌ عن العمل، إلَّا ما لا بدَّ منه؛ فإنه يُكتب له نومُه ويقظتُه.

في الحديث الصحيح: "أقوم وأنام، وأرجو في نَوْمِي ما أرجو في يقظتي (٤) " (٥)، وهذا صحيح، كما يَرْجُو من الأَجْرِ في يَوْمِ فِطْرِه ما يَرْجُو (٦) في يوم صَوْمِه.

ويجب أن يكون صَغْوُه إلى التَّعَبِ أكثر من الراحة، ألا ترى كيف وَصَفَ الله قَوْمًا فقال: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ


(١) في (د) - أيضًا-: شهوة.
(٢) في (س): عادة، وهي سبق قلم.
(٣) في (د) و (ص): وهذه.
(٤) في (ص) - أيضًا-: قَوْمَتِي.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس موقوفًا: كتاب المغازي، بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، رقم: (٤٣٤١ - طوق).
(٦) في (د) و (ص): يرجوه.