للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٥ - ١٧]، فأخبر الله تعالى أن المؤمن هو الذي (١) إذا ذُكِّرَ بالله وآياته أَقْبَلَ على صلاته وخَرَّ لله خاشعًا، وذَكَرَ السجود لأنه مُعْظَمُ الصلاة كما قدَّمنا، فيسجدون بأبدانهم خُضْعَانًا في المحاريب، وأَعْظَمُ من ذلك ما اشتملت عليه القلوب والسرائر، ولم يستكبر عن ذلك بأن يراه مَذَلَّةً كما فَعَلَ إبليسُ.

قال النبي : "إذا سجد ابنُ آدَمَ اعتزل الشيطانُ يبكي، يقول: يا ويلتاه (٢)، أُمِرَ ابنُ آدم بالسجود فسَجَدَ فله الجنة، وأُمِرْتُ بالسجود فأَبَيْتُ فَلِيَ النار" (٣).

ويكونُ (٤) سجودُه في وَقْتٍ يُلَائِمُ فيه المَضْجَعُ الجَنْبَ فيُجَافِيه (٥) هو عنه، يَنْبُو بلَحْمِه عن الفراش قيامًا بحق التعبد، ووفاءً بوظيفة التهجد، وفي الباطن تتجافى القلوب عن مِهَادِ الآمال والتنعم، بجَوَلَانِ الخواطر في صلاح الأحوال، واقتضاء التنعم (٦) بالبُكَرِ والآصَالِ.

"كان عُمَرُ بن الخطاب يصلي صلاة العشاء ثم يأمرنا أن نضع عند رأسه تَوْرًا (٧) من ماء، فيَتَعَارُّ من الليل فيَضَعُ يده في الماء فيَمْسَحُ يَدَه


(١) قوله: "هو الذي" سقط من (س).
(٢) في (د) و (ص): يا ويلاه.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، رقم: (٨١ - عبد الباقي).
(٤) في (د): في خـ: ويُكَرِّرُ.
(٥) في (س): فيجافي.
(٦) في (د) و (ص): النعم.
(٧) في (س) و (ف): كوزًا.