للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خُشُوعُ المؤمن]:

قال الإمام الحافظ (١) : والمؤمنُ خاضعٌ ذليلٌ لله تعالى (٢)، يخلق الله له ذلك؛ فإنه خَلَقَهُ لَيِنًّا هَيِّنًا قابلًا للحق، وخَلَقَ الكافر معاندًا، فلا خضوع عنده إلَّا عند الإلجاء، الذي لا ينتفع به في باب الثواب، إذ كَتَبَ ربُّنا أنه لا يُثِيبُ من آمن بالمشاهدة ولا من أسلم على الكُرْهِ والإلجاء، إلا أن يكون على الغيب باختيار، وهو سبحانه واهبُ ذلك له إذا أراده، وقد وصف الله حال ثلاثة عشر نَبِيًّا في حالهم وفضلهم، وما أنعم به عليهم وما أعطاهم، وما سألوه فأجابهم، ثم قال فيهم ما علم به عباده المؤمنين مصلحة أحوالهم وهادية (٣) آمالهم، فقال: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)[الأنبياء: ٩٠]، فأخبر بمبادرتهم إلى كل خير، ودعائهم ولجائهم إلى الله؛ في الرغبة والرهبة، مع لزومهم وصف الخشوع وحالة الذلة، وهيئة الخضوع والمسكنة، والافتقار إلى واهب النعمة وكاشف الكربة.

[خُشُوعُ المخلوقات]:

وليس الخشوع من صفة الآدمي، بل هو صفة لكل مخلوق، فقد رُوي عن ابن عمر أن إمحاق القمر من خشوعه (٤)، وكذلك وصف (٥)


(١) في (ب): قال الإمام ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٢) في (ك) و (ب): خاضع ذليل للدليل.
(٣) في (د): هادئة.
(٤) أخرجه ابن المبارك في الزهد عن ابن أبي مُلَيكة: (٢/ ٨٦٠)، رقم: (١١٤٥).
(٥) في (د): وصف الله الأرض سبحانه.