للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تَتِمَّةُ الحديث عن البكاء]:

قال لي عَطَاءٌ (١) - شيخُ الفقهاء والفقراء بالمسجد الأقصى (٢) -: أين أعين البُكَاءَ؟ وأين أسباب الاشتياق إلى المولى لا إلى اللِّوَى؟ وجرى القَوْلُ يَوْمَنا وليلَه (٣)، وجرَّ الحديثُ على المشافهة ذَيْلَه، حتى قال لي: ما سَمِعْتُ في البكاء أَحْسَنَ من قَوْلِ الشَّاعر (٤):

أَتَتْنِي تُؤَنِّبُنِي (٥) في البُكَا … فأَهْلًا بها وبتَأْنِيبِهَا

تَقُولُ وفي قَوْلِهَا حِشْمَةٌ: … أَتَبْكِي بعَيْنٍ تَرَانِي بِهَا؟

فقلت: إذا اسْتَحْسَنَتْ غَيْرَكُمْ … أَمَرْتُ جُفُونِي بتَعْذِيبِهَا

وأَصْلُ البكاء إنَّما هو على فَقْدِ المحبوب، أو نزول المكروه، وأيُّ محبوب أعظمُ من الله تعالى وطاعته؟ أو (٦) أيُّ مكروه أصعبُ من سَخَطِ الله وعذابه؟


(١) الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو الفضل عطاء المقدسي، لقيه ابن العربي عام ٤٨٧ هـ ببيت المقدس، وذكر أنه فقيه الشافعية (القانون: ص ٩٤)، ونعته في العارضة بفقيه بيت المقدس وصُوفِيِّها، (٨/ ٢٣٩)، وذكر مفاوضته لأبي منصور التركي في إحدى مسائل العلم بالمسجد الأقصى، وأحال على كتابه "عيان الأعيان"، ينظر الأمد الأقصى- بتحقيقنا-: (٢/ ٤٣١)، ونرجمتُه في: الأنس الجليل: (١/ ٤٣٥).
(٢) قوله: "بالمسجد الأقصى" سقط من (س)، وفي (ز): في المسجد الأقصى.
(٣) في (د) و (ل): يومًا وليلة.
(٤) الأبيات من المتقارب، ونسبها النُّوَيري في نهاية الأرب: (٢/ ٥٦) إلى سلم الخاسر، ونسبها ابن جُمَيع الصيداوي في معجم شيوخه: (ص ٣٤٩) إلى ابن المعتز، وأغرب المقري بنسبتها في النفح والأزهار إلى ابن العربي، وسكت عن هذه النسبة إحسان عباس.
(٥) في (د) - أيضًا-: تُعَاتِبُنِي … وبِتَعْتِيبِهَا.
(٦) في (س) و (ص) و (ز): و.