للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلَّى الله عليك ما أخبرتَنا به عنه تعالى، وفارقتُه على هذا، ثم لم أَقْدِرْ على العصمة، فلمَّا خرج إلى الحج بَعْضُ أصحابنا المريدين قلت له: أَبْلِغْ سلامي رسول الله، وقل له: إن العهد الذي كان نذرته لم أقدر على الوفاء به، وهو القائل: سيد الاستغفار أن يقول: "اللهم أنت لا ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي" (١)، يعني (٢): غير مُوفٍ شُكْرَها، "وبذنبي"، غير مقلع عنه، فأنا ذلك الرجل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولعل الله يختم بتوبة.

[[من شرائط التوبة]]

﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ﴾ في باقي أمره ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٣٩] أي: يقبل توبته، وما لنا لا نتوب وقد حَضنَّ الله عليها، فقال: ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٧٤]، لا يتعاظمه ذنب؛ ولا سيما العاصون الذين أَتَوُا (٣) الذنوب بجهالة، لا بعناد واستكبار، وهم الذين تغلبهم الشهوات، وتستولي عليهم الغفلات، فلا يُقابَلون في أوَّل مرجعهم إلا بما يَلْقَى بهم الأكابر، يقال لهم: ﴿سَلَامُ عَلَيْكُمْ﴾ [الزمر: ٧٠]، وهي التحية الكريمة؛ تحية الإسلام، وتحية دار السَّلام، وتحية السَّلامة من عقوبة الآثام، وهو قوله في الآية الأخرى ﴿ثُمَّ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه عن شداد بن أوس كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، رقم: (٦٣٠٦ - طوق).
(٢) سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٣) في (ص): أوتوا.