للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرضَ سبحانه بذلك، فقال: ﴿تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً﴾ [فصلت: ٣٩] (١)، كما قال: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً﴾ [الحج: ٥]، أي: ساكنة؛ لا يخرج منها شيء، بهيئة الحزن والذلة، عارية من كسوتها، عاطلة من حُلِيِّ زهرتها، حتى يحييها الله بالماء، وكذلك القلوب والأبدان؛ إذا اكتسبت الذنوب عليها ذلة الخوف، حتى إذا غسلتها بماء التوبة ظهرت الأفعال الجميلة على الجوارح، ولكن يبقى خوفُ عدم القبول مُوجِبًا عليها خشوعًا وخضوعًا، حتى يُعلم الأمن، وإن الذي فعل ذلك بالأرض قادرٌ على أن يحيي قلوبنا بالاعتقاد الحسن واليقين الثابت برحمته.

وقد أخبر النبي (٢) في الصحيح: "أنه يُرفع العلم، ويظهر الجهل" (٣).

وروى جُبَير بن نُفَير عن عوف بن مالك: "أن رسول الله نظر إلى السماء فقال: هذا أوان يرفع العلم، فقال له: لَبِيد بن زياد أو زياد بن لبيد (٤): يا رسول الله، يُرفع العلم؛ وقد أُثْبِتَ ووعته القلوب؟ فقال له (٥) رسول الله : إني كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة، ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما بأيديهم من كتاب الله، قال: فلقيتُ شدَّاد بن أوس


(١) في النسخ: وترى.
(٢) في (ك) و (ص): الله.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس : كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه، رقم: (٢٦٧١ - عبد الباقي).
(٤) هو زياد بن لبيد في جامع الترمذي: (٤/ ٣٩١ - بشار)، ولبيد بن زياد في السنن الكبرى: (٥/ ٣٩٢ - شعيب).
(٥) سقط من (ك) و (ص) و (ب).