للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يَتِمُّ طَلَبُ العِلْمِ والهِجْرَةُ فيه إلَّا كما قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل في حَدِيثٍ طَوِيلٍ؛ ذَكَرَ فيه رُبَاعِيَاتٍ كثيرة؛ فيها: "أن يَطْلُبَ العِلْمَ بأَرْبَعِ؛ بالبلاد، والجبال (١)، والبَرَارِي، والبحار، إلى قوله: فإذا صَبَرَ على ذلك ابتلاهُ الله في الدنيا بأَرْبَع؛ بشماتة الأعداء، وملامة (٢) الأصدقاء، وطَعْنِ الجُهَلَاءَ، وحَسَدِ العلماء، فإذا صَبَرَ على ذلك أكرمه الله في الدنيا بأَرْبَع؛ بعِزِّ القناعة، وبهيبة النفس (٣)، ولذة العلم، وحِبَرَةِ (٤) الأبد، وأثابه في الآخرة بأربع؛ بالشفاعة لمن أراد من إخوانه، وبظِلِّ العَرْشِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، ويَسْقي من أراد من حَوْضِ النبي ، وبجوار النبيِّين في أعلى عِلِّيِّين" (٥).

وقد ذَخَرَ (٦) الله هذا الاسم لأصحاب محمد ، فَشَرفَهُمْ به، واختصَّهم من بين سائر الأمم، فقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الحشر: ٨]، وقالت بنو إسرائيل: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا


(١) سقطت من (ص).
(٢) في (ص): بملازمة.
(٣) في (ص): بتهنية العيش.
(٤) في (ص): خيرة.
(٥) أخرجه القاضي عياض عن ابن العربي في الغُنية: (ص ٦٩)، وابن بشكوال في الفوائد المنتخبة: (١/ ٤٠٣ - ٤٠٦)، وذَكَرَ أنه سمعه منه بإشبيلية عام ٥١٦ هـ، وفي الإسناد أبو عصمة نوح الجامع، متَّهم متروك.
(٦) في (ص): دكر.