للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمجنون"، فلمَّا ملأ قلبَه رُعْبُه (١) قال له مُهَدِّدًا: "لأسجننَّك وعَطَفَ على قومه فقال لهم: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، وجعل يقول لأصحابه: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ﴾ للنصرة، ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ [غافر: ٢٦].

رَمَتْنِي بدائها وانْسَلَّتِ

وقال: ﴿يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ (٢) [غافر: ٣٦].

قال علماؤنا: "لو لم يكن من المضاهاة بين من قال: إن المعبود في السماء، وبين فرعون إلَّا هذا القول؛ لكان كافيًا لخَزْي (٣) من قال ذلك، فقد كذَب فرعون في قوله: إن الإله في السماء، ولو كان ذلك صحيحًا لكان فرعون مصيبًا من وجه، قال الله: ﴿كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [غافر: ٣٧]، فأخبر أن اعتقاده أن المعبود في السماء باطل، وأنه بذلك مصدود عن سبيل الرشاد، ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ [غافر: ٣٨] " (٤).

وقد تكبَّرت قُرَيْشٌ على النبي (٥)، وتعاظمت عليه كتَعَاظُم من سَبَقَ من الأمم على الرُّسُلِ، حتَّى (٦) استحقرتها واستصعفتها، وجهلت أن


(١) في (د): رغيه.
(٢) في النسخ: "يا هامان ابني صرحًا لعلي أطلع إلى إله موسى".
(٣) في (ص): لخِزي.
(٤) ينظر: لطائف الإشارات: (٣/ ٣٠٦).
(٥) في (ك): صلى الله عليه.
(٦) في (ك) و (ص) و (ب): حين، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.