للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي : "ما من داع يدعو إلى هُدًى إلَّا كان له من الأجر مثل أجور من اتَّبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" (١).

وقال النبي : "من سَنَّ سُنَّة حسنة في الإسلام كان له أجرُها وأجر من عمل بها إلى يوم - القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن سنَّ سُنَّةً سيئة في الإسلام كان عليه وِزْرُها ووِزْرُ من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا" (٢).

وقد تتعارض الدعوتان بحُكم الله السَّابق، كما قال: ﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ [غافر: ٤١]؛ والدعاءُ إلى السَّبَبِ دعاءٌ إلى المسبب، والعملُ بالعلة رضى بالحُكم، ﴿وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾؛ يريد: أجعل معه شريكًا من غير دليل، ﴿وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ [غافر: ٤٢]؛ الذي لا يؤثر في ملكه عِنَادُكم (٣)، ولا يَعْظُمُ عنده أن يغفر لكم، لقد وَجَبَ وحَقَّ ﴿أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ من عبادة غيره؛ ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾ [غافر: ٤٣]، يعني: ليس له حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا إرادة (٤)، ولا نفع، ولا ضُر، وقد علمنا صِدْقَنا وكَذِبَكم، يقول من دَلَّتِ المعجزة على صدقه: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا: كتاب القرآن، العمل في الدعاء، (١/ ٢٦٧)، رقم: (٥٨٤ - المجلس العلمي الأعلى).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) في (د) و (ب): عندكم.
(٤) قوله: "ولا إرادة" سقط من (د).