للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا التزمه العبد لم يتَّفق له أن يعصي أبدًا، ولا يخالف حَدًّا، فإنك إذا فدرت أن تُسأل عمَّا فعلت فتقول: لم أفعل؛ وأنت قد فعلت، كذبت، وإن صدقت ربما قُتلت، أو حُدِدْتَ، أو عُزلت عن مرتبة الخير، وإن لسانك هو المعبِّر عنك فيما علمت، المعبر لك فيما تتعلَّم، وأعظمُ ما فيه من الآفات: الكَذِبُ، والغِيبَةُ، والمِرَاءُ، والمُزَاحُ.

وإذا تفطَّنت كما بيَّنَّا (١) في "قانون التأويل" (٢)؛ وجدتَ جميع مكروهات الأقدار (٣) لا يُخرج عنها، فإذا احترست منها مَلَكْتَ لسانك، وسلمت من الوعيد الثابت؛ وهو (٤) قوله : "وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" (٥).

وأَشَدُّ الكذب كَذِبُ الأمير، أو الكذب للأمير، من الحديث الصحيح؛ خرَّجه الترمذى والنسائي عن كعب بن عُجْرَةَ قال: قال رسول الله : "إنه سيكون أمراء، فمن صدَّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يَرِدُ عليَّ حوضي، ومن لم يصدقهم على كذبهم (٦) ولم يُعنهم على ظلمهم فهو منِّي وأنا منه، ويَرِدُ عليَّ حَوْضِي" (٧).


(١) في (ك) و (ص) و (ب): بيناه.
(٢) قانون التأويل: (ص ٣٨٣ - ٣٨٤).
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): الأقوال، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٤) في (د) - أيضًا -: هي.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) في (د): بكذبهم.
(٧) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الفتن عن رسول الله ، بابٌ، رقم: (٢٢٥٩ - بشار)، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى: كتاب البيعة، ذِكْرُ الوعيد لمن أعان أميره على الظلم، رقم: (٧٧٨٢ - طوق).