للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي لا يَقِفُ عليه أَمْرٌ إلى حد، المريد الذي لا يتوقف ما يريده ولا يرتد، أعناق الجبابرة تحت بطشه وسَطْوَتِه، والسماوات والأرضون في قبضته، أَوَّلٌ لا أوَّلَ له، آخِرٌ لا آخِرَ له، القيُّوم الذي قام بنفسه، وقام كل شيء به، الله خالق كل شيء، الحي المفيد حياة كل حي، الموجود بعد كل شيء، له العزة والجبروت، والمُلْكُ والملكوت، لا يستطيعه أَحَدٌ بوصف، وكيف وسَيِّدُ الأوَّلين والآخرين قد اعترف في ذلك بالتقصير (١)؛ وقال: "لا أُحصي ثنَاءً عليك، أنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك" (٢)، وقد نَظَمْتُ هذا المعنى فقلتُ:

ما لي بوصف إله الخلق (٣) من قِبَلِ … جلَّت معاليه عن قَوْلي وعن عَمَلِي

لا حَمْدَ إلَّا الذي قد جاء عنه لهُ … فَرْدٌ عن المِثْلِ معلوم على المَثَلِ

يا أيُّها المتعاطي وَصْفَه صلَفًا … مَهْلًا فقد خُلِقَ الإنسان من عَجَلِ

سَلْنِي عن الدِّينِ والدنيا أُجِبْكَ وعن … محامد الله رَبِّ الناس لا تَسَلِ

فإنَّها عَظُمَتْ عن قَدْرِنا شَرَفًا … فليس في دَرْكِها حَظٌّ من الأَمَلِ

هذا النبي وقد أوتِي جوامعَه … من الكلام بلا عِيٍّ ولا خَطَلِ

قد قال: لا أُحْسِنُ الإخبار عنه ولا … أُحْصِي ثناءً عليه آخِرَ الأَجَلِ

وأنث إن كنْتَ تبغي وَصْفَه فلقد … رَكِبْتَ في الأَمْرِ ظَهْرَ الحادث الجَلَلِ

وقد وجدتُ مكان القول ذا سَعَةٍ … فإن وجدتَ لسانًا قائلًا فَقُلِ

ما كلَّف الله نفسًا فوق طاقتها … ولا يُقابَل حَوْلُ الله بالحِيَلِ (٤)


(١) قارن بما في الإحياء: (ص ١٦٦٨ - ١٦٦٩).
(٢) سَلَفَ تخريجُه.
(٣) في (ك) و (ص): الإله الحق.
(٤) الأبيات من بحر البَسِيطِ.