للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو مختارٌ فيه، فأكثرُ الناس يتوهَّمون أنهم مضطرون، وذلك الاضطرارُ سِرَايَةُ (١) ما بَدَرَ منهم في حال وَهَمٍ (٢) اختيارهم (٣)، وما دام العبدُ يتوهَّم من نفسه شيئًا من الحَوْلِ والحِيلَةِ، ويرى لنفسه شيئًا من الأسباب (٤) يعتمد عليه أو يستند إليه؛ فليس بمضطر، إلَّا أن يرى نفسه كالغريق في البحر، والضال في المتاهة، والمضطر يرى عِنانه بيد سَيِّدِه، وزِمامه في قبضته؛ كالمَيِّتِ بيد غاسله، ولا يرى لنفسه استحقاقًا [للنَّجاة (٥)]؛ لأنه يخاف أن يَقَرأَ (٦) اسمَه في ديوان الشقاوة، فلا ينبغي للمضطر أن يستعين بأَحَدٍ في أن يدعو له؛ لأنَّ الله وَعَدَ (٧) الإجابةَ له، لا لمن يدعو له" (٨).

ثم كما وَعَدَ المضطر الإجابة وكَشْفَ السُّوءَ وَعَدَهُ أن يجعله خليفةً في الأرض، ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٥]، لم يقل: إزالة، ولكن قال: ﴿مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، كذلك قال تعالى: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾ [النمل: ٦٤]، ثم قال (٩): ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: ٦٤]، فإن العبد إذا زال عنه عُسْرُه وكُشِفَ عنه ضُرُّهُ كان كما قال القائلُ:


(١) قوله: "جُرْحِه الذي سَلَفَ وهو مختارٌ فيه، فأكثرُ الناس يتوهمون أنهم مضطرون، وذلك الاضطرارُ سِرَايَةُ" سقط من (ص).
(٢) سقط من (ص) و (س).
(٣) ضبَّب عليها في (د).
(٤) في (س): الأشياء.
(٥) زيادة من لطائف الإشارات: (٣/ ٤٥).
(٦) في (س): يقر.
(٧) في (د): وعده.
(٨) لطائف الإشارات للقُشَيري: (٣/ ٤٥).
(٩) قوله: "ثم قال" سقط من (س).