للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: من كُتب له سوء الدار؛ فقالوا: ﴿يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: ٧٩]، فتمنَّوا مثل حاله، وكان جامعًا مُحْتَجِنًا، وقد ذمَّ النبيُّ هذا، وأخبر عن سوء مآله، كما تقدَّم بيانُنا له عنه بقوله فيه.

وقال أهل الصَّحْوِ عن سُكْرِ (١) الدنيا، الناظرون بعين البصيرة إليها، العالمون بسوء عاقبة قارون فيها، مُؤَجَّلًا وإن (٢) أُمْهِلَ مُعَجَّلًا: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [القصص: ٨٠]، فلمَّا نزلت به العقوبة نَدِمُوا، وقالوا: ﴿لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا﴾ [القصص: ٨٢].

يعني: منَّ الله علينا بفَقْدِ حال قارون.

وقد يُقَصِّرُ العبدُ في الشكر؛ لأنَّه يرى غيره أكثر نعمة منه، وينبغي له أن يتأمَّل وجهين:

أحدهما: ما آتاه الله ممَّا لا يستحقه عليه من نِعَمِه عنده، وأنه لم يقم بَعْدُ بشُكْرِها، ولا يغتر بذلك الذي ربَّما كانت له (٣) إِمْلَاءً.

وليَنْظُرْ - في الوجه - الثاني - إلى من دونه من أهل الفقر والزَّمَانَةِ والكفر بالله والجُحُودِ له، وليَمُرَّ على المقبرة؛ فإنه ربَّما يظهر إليه أن مَيِّتًا فيها يَوَدُّ أن يكون في مثل حاله، فإذا كان من الممكن ذلك فليَعْلَمْ أنه على نعمة.


(١) في (ك): شكر.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): إن.
(٣) سقط من (ك).