الموضع كتاب، إلَّا أني أذكر لك بعض ما حضرني، فمن ذلك قوله:"وقد انتدب المُتَكَلِّفُونَ - الذين لم يكن النبي منهم - إلى تَعْدَادِ أبواب الجنة وأبواب النار، وأحقُّ من اقتُدِيَ به النبي ﷺ، فلا ينبغي لأحد أن يتكلَّف ما ليس له به عِلْمٌ، ولا يُحَدِّثَ عن النبي ﷺ بما ليس له أَصْلٌ في النَّقْلِ.
وأمَّا أوصافها فقد تعدَّى الخَلْقُ عليها، ووضعوا الأحاديث فيها، ولم يراقبوا الله في ذلك، حتى سُطِّرَتْ أباطيلُها في الكُتُبِ، ورُوِيَتْ في المجالس، وقُرِئَتْ في المنابر، وها أنا أُهْدِي إليكم ما صحَّ فيها حتى تكونوا على بَصِيرَةٍ في تصحيحه.
أمَّا الجَنَّةُ فالذي صحَّ فيها ستة أحاديث.
ثم ذكرها.
وقال بعدها: فهذه أحاديث الجنة الصِّحَاحُ سِتَّةٌ، وقد زاد الخلقُ فيها ما لا يرضاه الله، منه ضعيف، وهو أقله، ومنه باطل، وهو كثير، ولمَّا كان لا يُحْصِي الباطل إلَّا الذي خلقه أعرضنا عنه، فاقتَصِرُوا على الصحيح واعتمدوا عليه. الخ ما قال.
مع أن الأحاديث الصحيحة في الجنة تزيد على المائة بيقين، وقد أفردها الحفاظ بمؤلفات، كابن أبي الدنيا، وأبي نُعَيم، وغيرهما من المتقدمين، وابن القيم في كتابه العجيب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، وأقرب ما يفند لك دعوى هذا الرجل كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري" (١).