للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قال: إنَّ النار أحرقته، كان كذبًا بَحْثًا؛ لأنَّ النار ليست بفاعلة، إنَّما هي جماد، والجماد لا يصح منه فِعْلٌ.

فإن قال: خلق الله فيها قُوَّةً تُحرق بها.

قلنا له: هذه شهادةٌ بما لم تَرَ ولا سَمِعْتَ؛ فإنَّ القوة لا تُرى ولا تُسمع، ولا أخبر بها (١) الله ولا الصادق من رسُلِه المبعوثين إلينا، الذين نراهم ويكلِّمُونَنا، فمن أين لك هذا؟

ثُمَّ قدرةٌ تخلق في جماد يَفعل بها فِعْلًا مُثَبَّجًا - فكيف مُتْقَنًا - مُحَالٌ.

فقِفْ يا وقَّاف، وقم: إن الله يفعل ما يشاء، ويخلق ما أراد، وكما لا يَشِذُّ شيء عن علمه لا يَشِذُّ عن قدرته وخَلْقِه.

ومن كَذِبِهم على السماء شهادتُهم بأنَّ الشمس والقمر يُنبتان الحشائش، ويُنتجان الثَّمَرَ من الشجر، وما لها من الفائدة إلَّا ما أخبر الله في كتابه من أنَّهما مخلوقان، مُنزلان مَنَازِلَهما لمعرفة عدد السِّنين والحساب، متعاقبان إلى الانتثار (٢) والسكون، وسوى ذلك لا كان ولا يكون.

وأشدُّه كَذِبُهم على الله؛ كقولهم (٣): "إنه في السماء"، والسماء محصوره، جِسْمٌ مُقَدَّرٌ (٤)، ووعاء لمخلوق (٥) مُحَدَّدٌ، والباري يتقدَّس عن أن


(١) في (د): الله بها.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): على الانتشار، وضعَّفه في (د)، والمثبت من طرته.
(٣) في (ك): كقولهم تعالى، وفي (ص): كقولهم عنه تعالى، في (د): كقوله تعالى.
(٤) سقط من (ص).
(٥) في (ك) و (ب): مخلوق.