للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحِلَّ بمكان، أو يَحْوِيَه شيء، ولم يفهموا ما أرادت المرأة المسؤولة بذلك؛ من كونه عالي القَدْرِ، عن أن يكون كآلهة الأرض، كما نقول العرب: فلان في السماء رِفْعَةً، وفي النجم جَلَالَةً، وقد قال النبي : "إنه بينكم وبين رؤوس رحالكم" (١)، ولا يصح كونه هنالك، ولكن ضرب ذلك مَثَلًا للقُرْبِ بالعلم والإحاطة، وهؤلاء يكذبون على الله بما يُضِيفونه (٢) ممَّا لا يليق به.

والذين يجعلون للنار فِعْلًا وللشَّمس (٣) والقمر، ممَّن يجعلُ لله ﴿شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد: ١٦].

وكذلك شهادتُه على السماوات؛ فإن الشيطان أطمعه أن يرقى إليها بالعِلْم، إذ لم يستطع أن يرقى إليها بالرؤية، فأنشد قَوْلَ المُوسَوِي (٤):

عَزَّنِي أن أرى الديار بطَرْفِي … فلعلِّي أرى الديار بسَمْعِي (٥)

فسوَّل لهم وصوَّر عندهم أن يُعَرِّفَهم هيئَتها، ويُرِيَهم بالنظر والبصيرة؛ إذ فاتهم بالبصر كيفيتُها، وهيهات هيهات لما توعدون، إن هي إلَّا جهالتكم البُهْمَى، وما أنتم عنها بمُخرجين، ولا تكونوا فيها أبدًا مهتدين، وهذا ممَّا لا يَحِلُّ لمسلم أن يتكلم فيه ولا أن يشهد به.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): يصفونه.
(٣) في (ك): الشمس.
(٤) في (ب): الموسمي، وفي (د): الموسي، وفي الحاشية كلمة لم أتبينها لسوء التصوير، وفوقها: خـ.
(٥) من الخفيف، وهو من أبيات للشريف الرضي، وهي في ديوانه: (١/ ٦٥٨).