للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقول؟ قال: تقول: إنَّ الرجل إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ساءت منزلته عند قومه، قال له: صَدَقَتِ التوراة، وكذب أبو مسلم" (١).

قال الإمامُ الحافظ (٢) : الأَمْرُ بالمعروف على قِسْمَيْنِ:

أحدهما: أن يكون عظيم القَدْرِ.

[الثاني]: أو يكون خاملًا.

فإن كان عظيم القدر نَفَذَ تغييره، ولم يؤثر ذلك في منزلته.

وإن كان خاملًا وأَغْلَظَ وقد خلصت نيَّتُه لله لم يُنْقِصْ ذلك منه.

وإن كان ذلك لقلة إخلاص أو بقِلَّةِ عمل فهو الذي يكرهه قَوْمُه، وتسقط منزلته عندهم، كالجار مع الجار، فإنَّ سنة التغيير معه ألَّا يُنْكِرَ عليه جَهْرًا، ولا يأخذه قَهْرا، ولا يكشف له سِتْرًا.

وقد (٣) سئِل مالك عن الرجل يأمر بالمعروف من لا يطيعه؛ كالجار والأخ، قال: "لا بأس بذلك" (٤).

وكان صِلَةُ بن أَشْيَمَ من الفضلاء، فمرَّ عليه رجل يُسْبِل إزاره، فهَمَّ أصحابُه أن يأخذوه أخذًا شديدًا، فقال: "دَعُوني أَكْفِكُمْ، فقال: يا ابن أخي، إنَّ لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك يا عم؟ قال: أُحِحب أن ترفع من إزارك، قال نعم، وأَنْعِمْ عَيْنَك بذلك، فرجع صِلَةُ وقال لأصحابه: لو أخذتموه بالشِّدَّة للَقِيتُم منه (٥) حِدَّة" (٦).


(١) الإحياء: (ص ٧٨٧).
(٢) في (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي.
(٣) في (ك) و (ص): قد.
(٤) البيان والتحصيل: (١٧/ ٨٤).
(٥) سقطت من (د).
(٦) الإحياء: (ص ٨١٢).