الرابع: قوله: "إن الأحاديث الصحيحة في الجنة تزيد على المائة بيقين"، هذه دعوى، وقوله:"بيقين"، يدل على أنه لا يعرف ما هو اليقين؛ إذ أغلب مباحث التصحيح والتعليل اجتهادية، لا مدخل لليقين فيها، وهذا يدل على أنه واسع الخطو في التصحيح، ويأوي في كل ذلك إلى دار الضرب، كما سمَّاها الإمام مالك ﵁.
وقد رأينا كتبه؛ وما أدخل فيها من أحاديث الكذَّابين والوضَّاعين والمتروكين، وأما الضعاف؛ فحَدِّثْ عن البحر ولا حرج.
الخامس: ولو كان صادقًا في دعواه لسرد تلك الأحاديث، كما زعم أنه يسرد "سراج المريدين" من حفظه.
السَّادس: ومن الدليل على كَذِبِ دعواه أنه أحال عند ذِكْرِه لمن جمع أحاديث الجنة على ابن أبي الدنيا وأبي نُعَيْمِ، ومعلوم أن هذين الإمامين ليسا من الذين يعتنون بالصحيح حتى يحتج بما أَوْرَدُوا في كتبهم، بل في كتبهم الكثير من الضعيف والمنكر والمطروح، بل فيه الموضوع والمصنوع، فكيف تحتج علينا بهذين؟
السَّابع: وما ذكره بعدهما لا ينهض حجة أمام قول ابن العربي، فلا ابن القيم ولا المنذري من الذين يرجع إلى أقوالهم في الأحاديث الصحيحة، فهم يجمعون الكل، وإن كانوا يستنكفون عن الموضوع والمصنوع، فلا يُوردون منه في كتبهم إلَّا ما وقع السهو فيه، أو أن يطرأ عليهم ما يطرأ على غيرهم من حسن الظن بحديث ما ويكون الأمر بخلافه.