للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليَعْزِمِ المسألة، فإنه لا مُكْرِهَ له" (١).

وقد انقرض عَصْرُ الرسول- والصحابة ولم يُسْمَعْ فيه (٢) قَطُّ: "أنا مؤمن إن شاء الله"، ولا وَرَدَ ذلك من طريق يَصِحُّ.

والذي أوقعهم في ذلك حديث أبي هريرة: "خرج النبي إلى المقبرة فقال: السَّلامُ عليكم دارَ قَوْمٍ مؤمنين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون" (٣)، فلمَّا قال النبي: "وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون (٤) "، فأدخل المشيئة في الموت الذي لا مَحِيدَ عنه، دَخَلَتْ في كل ما بعده ممَّا يمكن أن يكون أو لا يكون، وإذا كان فيُمْكِنُ أن يَثْبُثَ أو لا يَثْبُتَ، وقد بيَّنَّا معنى هذا الحديث في كتاب "القَبَسِ" (٥) وغيره من جميع وُجُوهِه، وأَوْضَحْنَا إِبْطَالَ قَوْلِ من قال: إنَّ معناه: وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون؛ على الإيمان قَطْعًا في خاصَّته، وظاهرًا فيمن معه من أصحابه، وذكرنا تأويل ذلك الحديث في موضعه.

وقد قيل: إن معناه: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون في هذه البقعة؛ لأن النبي كان يرجو الشهادة في سبيل الله ويتمنَّاها، ولم يكن يعلم كيفية


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ عن أبي هريرة : ما جاء في الدعاء، (١/ ٢٦٣)، رقم: (٥٧٠ - المجلس العلمي الأعلى).
(٢) في (ص) و (د): قط فيه.
(٣) أخرجه الإمام مالك في الموطأ: جامع الوضوء، (١/ ١١٧)، رقم: (٦٦ - المجلس العلمي الأعلى).
(٤) قوله: "فلمَّا قال النبي: وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون" سقط من (س).
(٥) القبس: (١/ ١٥١ - ١٥٣).