للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجاب بعضُهم بأنهم كانوا يخافون على الخاتمة.

وهذا باطلٌ في بعضهم، ممَّن قال له النبي: "رَأَيْتُكَ في الجنة في منزلك، وأنت بها (١) رفيقي، ومنزلك فيها عال" (٢)، ونحو ذلك.

والصَّحِيحُ عندي ما قال في ذلك المتأخرون: من أنه ضَمِنَ لهم ذلك (٣) بشرط استغفارهم وبقائهم إلى الخاتمة على حالهم، فكانوا راهبين على فوات الشرط، أو يخافون على التقصير عن المنزلة بما كان من أمرهم بعد النبي (٤).

وقد روى البخاري أن أبا بُرْدَةَ بن أبي موسى قال: "قال لي عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: لا، قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يَسُرُّكَ إسلامُنا مع رسول الله هجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه بَرَدَ (٥) لنا (٦)، وأنَّ كلَّ عمل عملناه بعده نجونا منه كِفَافًا؛ رأسًا برأس؟ فقال أبي: لا، والله، قد جاهدنا بعد رسول الله وصلَّينا وصُمنا وعملنا خيرًا كثيرًا، وأسلم على أيدينا بَشَرٌ كثير، وإنِّي لأرجو (٧) دلك، قال أبي: لكنِّي أنا - والذي نَفْس عمر بيده - لوددتُ أن


(١) في (ك) و (ص) و (ب): بها.
(٢) وردت أحاديث كثيرة فيمن شهد له رسول الله بالجنة، تنظر في أبواب المناقب من الصحيحين والسنن.
(٣) بعده في (ك) و (ص): كله، وضرب عليها في (د).
(٤) ينظر: أعلام الحديث: (٣/ ١٦٥٦).
(٥) بَرَدَ: خلص.
(٦) قوله: "برد لنا" سقط من (ص).
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): وإنا لنرجو.