للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوادي يتماشون لارتياد مجلس، إذ بامرأة لها حشمة، يَحُفُّ بها جَوَارٍ لها (١)، لهنَّ (٢) منظرة وشارة، فتقدَّم منهم (٣) واحدٌ إليهن، فلمَّا دَانَاهُنَّ (٤) قال مخاطبًا لهن -يعني: سيدتهن-:

من أين يأتي ذا الغزال الذي … قد كُحِلت بالسحر عيناهُ (٥)

فصَرَفَتْ سيدتهن رأسها إليه (٦) بأسرع من لمح البصر فقالت:

من دوحة المجد ودار التقى … فسعيُه يرضى به اللهُ (٧)

فسُقِطَ في يده لِمَا سمع من الفصاحة، وتبيَّن من العفة والجلالة، وكَفَّ ورجع إلى أصحابه من خلف، وطفقوا يُصَفِّقُونَ عجبًا، ويُفنون القول؛ حَسُنَ ذَا دِيَانَةً (٨) وأدبًا، ونزلت مع جواريها في ظِلٍّ، وضربوا الرواق من المُلاء الصِّفاق، ولم يكن بأقرب من أن أرسلت إليهم جاريتين من جواريها معهما أطباق، فيها طعام وحلاوة، فأكلوا وأقاموا هنالك، حتَّى لما حان انصرافهم أرسلت إليهم جارية تقول لهم: تقدَّمُوا في الرجوع، فليس يَحْسُنُ أن نتدانى في المشي، حتى إذا أبعدتم أخذنا نحن في الرجوع، فقمنا متعجبين ممَّا رأينا فيها من الكرم والأدب والعفة.

واختصرتُ الحكاية.


(١) سقط من (ك) و (ب).
(٢) في (ك): لهم.
(٣) في (ب): منهم.
(٤) في (ص): دنا منهن.
(٥) لعله لابن العربي، والبيت من بحر السريع.
(٦) في (ك) و (ب): إليه رأسها.
(٧) لعله لتلك السيِّدة التي خاطبها ابن العربي، وهو من بحر السريع.
(٨) في (ص): دَماثة.