للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت أسماء (١): "سمَّاني رسول الله بذات النِّطَاقَيْنِ؛ فإنه لمَّا أراد الهجرة مع أبي بكر صَنَعَتُ لهما سُفْرَةً، وأردت شدَّها فلم أجد، فشَقَقْتُ نِطَاقِي بنِصْفَيْنِ؛ وشَدَدْتُه بأحدهما وانتَطَقْتُ بالآخَر، فقال لي رسول الله : أَنْتِ ذاتُ النِّطَاقَيْنِ" (٢).

فصار هذا أَصْلًا في رَدِّ المعاني من مقاصد البطالة إلى الجلالة، ومن طُرُقِ الباطل إلى وجوه الحق، ومن المخلوق الذي ليس له عَمَلٌ إلى الخالق الذي له الأمر كلُّه.

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (٣) : ولي (٤) في ذلك نُكْتَةٌ بديعة؛ وهي أن النفس تَمِيلُ إلى اللَّهْوِ، وتُسْرِعُ إلى الغزل، فيُنْشِدُ المرءُ الأشعار (٥) الغزلية تَأْنِيسًا لها (٦)، ويَقْصِدُ بها الحقائق الإلهية والشمائل النبوية تحقيقًا معها، حتى يُرِيها أنَّ صَغْوَهُ مَعَهَا أوَّلًا، ويَرُدُّهَا إلى الحقيقة آخِرًا، والأشعارُ الغَزَلِيَّةُ من سلاح الشيطان، فإذا قُوتِلَ بها يرى أن الغلبة في كل حَالٍ عليه.

وللنَّفْسِ خُدْعَةٌ أُخْرَى، وهي: أنَّها مُخَالِطَتُكَ، وإذا كان بينك وبين العَدُوِّ مسافةٌ أو حجابٌ كُنْتَ من ضَرَرِه آمَنَ وأَبْعَدَ، فإذا (٧) نزل معك في


(١) سقطت من (د) و (ص).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب مناف الأنصار، باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة، (٣٩٠٧ - طوق).
(٣) في (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٤) سقط من (س).
(٥) في (ز): إلى الأشعار.
(٦) مرَّضها في (د).
(٧) في (ص) و (د): فأمَّا إذا.