للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والباري تعالى هو الذي دبَّر الأمور، وقدَّر المقادير، وابتلى بها عبادَه وأخبرهم عنها، وأَحْكَمَ فاتحتها وخاتمتها، وليس في فِعْلِه عَبَثٌ، ولا في حُكْمِه (١) سَفَةٌ، ولا في خبره كَذِبٌ، ولا في أفعاله تناقض، ولا في أقواله تعارض، قال الله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: ٧٣]، وقال سبحانه: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً﴾ [الحجرات: ٧ - ٨].

يعني: كل ذلك خَلَقَ فيهم أفعالَه، وأنفذ فيهم إرادته (٢)، ثم أخبر عنهم بأنهم الراشدون بصفة الفاعل، وكُلُّهم بما فيه (٣) مفعول، وذلك كله بنعمته وحِكْمَتِه ورحمته.

وقال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٤ - ١٥].

وفَاتَحَ الله رسوله بنصره، وأَوْعَدَ (٤) إليه أن يَرْمِي بأمره، فامتثل ذلك من حَدِّه، وأنجز الله له فَاخِرَ وعده، وهزم جُنْدَ (٥) الأحزاب بجُنْدِه، ثم قال له (٦) مُطْلِعًا على الحقيقة، وناهجًا له سواءَ الطريقة: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧].


(١) في (د): فعله.
(٢) في (ص): إراداته.
(٣) في (ص): وجعلهم بما فيهم.
(٤) في (ص): أوعز.
(٥) في (ز): جنود.
(٦) سقطت من (س).