للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت من كل طريق وعند كل فريق أن النبي كان يُسِرُّ إلى حُذَيفة بن اليمان في الفتن وشأنها، والمنافقين وأعيانها، وكان مخصوصًا بذلك عنده (١).

ولقد جَهِدْتُ منذ (٢) زمان الطَّلَبِ للعلم إلى اليوم في أن أطَّلع على وجه اصطفائه حذيفة لذلك فما قدرتُ عليه، إلَّا أنه قد ثبت أنه قال: "كان الناس يسألون رسول الله؛ يسألونه عن الخير، وكنت أسأله عن الشر" (٣)، ورسول الله يُجِيبُه عليه، فالله أعلم كيف كان سَمْحُه له في الجواب (٤) عن تلك السرائر.

وقد كان عند أبي هريرة من ذلك شيء، وما أُراه إلَّا من كثرة حِفْظِه لما كان يسمعه، لا من جهة أنه خُصَّ في ذلك بشيء، فإنه قال: "حفظتُ عن رسول الله وِعَاءَيْنِ؛ أمَّا أحدهما فقد بَثَثْتُه، وأمَّا الآخَرُ فلو بَثَثْتُه لقُطِعَ منِّي هذا البُلْعُوم" (٥).


(١) وسمَّاه أبو هريرة بصاحب سر رسول الله ، أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب المناقب عن رسول الله ، رقم: (٣٨١١ - بشار)، وأخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة : "أخبرني رسول الله بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة"، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إخبار النبي فيما يكون إلى قيام الساعة، رقم: (٢٨٩١ - عبد الباقي).
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): من، وضعَّفها في (د)، وما أثبتناه صحَّحه بطرته.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ رقم: (٧٠٨٤ - طوق).
(٤) قوله: "في الجواب" سقط من (ص)، وفي (ك): السرائر في الجواب.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب العلم، باب حفظ العلم، رقم: (١٢٠ - طوق).