للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الشَّاعر:

ألم تر أنَّ غُواة الرجالِ … لا يتركون أديمًا صَحِيحَا

فلا تُفْشِ سِرَّكَ إلَّا إليكَ … فإنَّ لكُلِّ نَصِيحٍ نَصِيحَا (١)

وقال آخَرُ:

ما كلُّ معلوم يباح بِهِ … احْذَرْ لسانك من جَوَانبِهِ

فمرارة الكتمان أعذب من … بث تُحَاذِرُ من عواقبِهِ

ليس الزمان كما مضى … أيَّامَ (٢) تَكْرَعُ في مَشَارِبِهِ

هذا زمانٌ لو ذُكِرْتَ بِهِ … ضَحِكَ (٣) الحُسَامُ إلى مَضَارِبِهِ (٤)

وقد ثبت أن حفصة بنت عمر لمَّا تَأَيَّمَتْ عَرَضَها على أبي بكر، فقال: "ليس لي اليوم رغبة في ذلك، ثم عرضها على عثمان فلم يراجعه في قال: كنتُ أَوْجَدَ عليه مِنِّي على أبي بكر، ثم خطبها النبي فلَقِيَه عثمان فقال له: ما منعني من أن أرجع إليك في شأن حفصة حين كلَّمتني فيه إلَّا أني قد كنتُ سمعتُ رسول الله يذكرها، فما كنت لأُفْشِي سِرَّ رسول الله" (٥).


(١) البيتان من المتقارب، وينسبان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وهما في ديوانه: (ص ٤٢)، بتقديم وتأخير، وفي بهجة المجالس: (١/ ١٠٠).
(٢) في (ب): أيان.
(٣) في (ص) و (د): صحك.
(٤) الأبيات من الكاهل، وهي في سراج الملوك: (٢/ ٤٢٢)، وفيه: "من جوالبه".
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب النكاح، باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير، رقم: (٥١٢٢ - طوق)، ووقع في سياق متنه عند ابن العربي قَلْبٌ، فمكان عثمان أبي بكر، ومكان أبي بكر عثمان.