للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسليمًا، ولم يُوهِنهم (١) خوفٌ، ولا أضعفتهم مصيبة، ولا استكانوا لحادثة (٢)، ولا فتَرُوا في عبادة، ولا أَيِسُوا (٣) عن طاعة بعادة، وجادوا بأنفسهم في سبيل الله، وصانوا بمُهَجِهم (٤) رسول الله، فما كان قولُهم بعد ذلك كُلِّه (٥) إلَّا: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٧].

فيا معشر المريدين: بأي لسان نقولها نحن، وأتينا الغُدَرَ (٦)، وشربنا الكَدَرَ، وقصَّرنا، وعَقَلْنا عن حقوق الله نفوسَنا وأموالَنا، وعُجْنا عن الطريق، وأرسلنا أنفسنا وقلوبنا، فجارت عن سَنَنِ التحقيق، واستلهى قُلُوبنا الهوى، ومشينا جادِّين في سبيل الرَّدَى (٧)، وجئنا الطاعة بالهُوَيْنى، واكتفينا في طلب النجاة بالمُنَى (٨)، وأهيلنا أحوالنا فلم نراعها، وأنفسنا فلم (٩) نحاسبها، ومِلْنا إلى الراحة واغتنمناها، ولم نراع العهد الذي علينا، ولم نطلب السَّلامة كما أُمرنا، وأَوْهَننا الطمعُ فضلًا عن الخوف، وعَجَّزَتْنَا المصائب، وأهانتنا الحوادث، وأذلَّتنا الأطماع، وفتَرْنا في العبادات،


(١) في (ك) و (ص): يهنهم.
(٢) في (ك) و (ص): حادث.
(٣) في (ك): أنسوا.
(٤) في (ك): بمهجتهم.
(٥) ضبَّب عليها في (د).
(٦) في (د) و (ك) و (ب): القدر.
(٧) في (ك) و (ب) و (د): الهوى، ومرَّضها في (د)، وفي (ص): الونى.
(٨) قوله: "واكتفينا في طلب النجاة بالمنى" سقط من (د) و (ك) و (ب).
(٩) قوله: "نراعها، وأنفسنا فلم". سقط من (ك) و (د) و (ب).