للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبرني أبو بكر الصوفي (١) -شيخي الأوَّل- قال (٢): "جاءني رجلٌ فقال لي: إنه لم يَبْقَ ذَنْبٌ في الدنيا إلَّا ارتكبته، ولا معصية إلا أتيتُها، ولا كبيرة إلا تلبَّست بها، فماذا ترى لي؟ قال: ورأيتُ في وجهه سُفْعَةَ إصرار، وبَشَرَةَ تَمَادٍ واستمرار، فقلت له: يا هذا، وهلَّا أَبْقَيْتَ للصُّلْحِ مَوْضِعًا، فبَدَرَنِي بالجواب قبل أن أُتِمَّ الكلام، وقال لي: وأَيُّ مَوْضِعٍ للصُّلْحِ أَعْظَمُ مِنْ أنَّ (٣) وَجْهِي لم يَسْجُدْ قَطُّ لسواه، ولا مَرَّغْتُه في التراب لغيره، فهالني قولُه، وأعجبني لُبُّه (٤)، وقلت له: أرجو لك الخير، والتَّوْبَةُ تَمْحُو جميع ما ذكرتَ، ولا يَتَعَاظَمُ معها ذنبٌ ممَّا وَصَفْتَ".

وقال (٥) شيوخُ نيسابور: "إذا عَدِمَ المُريد صحة الإرادة فليُقْبِلْ على وظائف العبادة، فإن جوارحه إذا تمرَّنت بها سَكَنَ قلبُه إليها، فاستنار له ما كان أَظْلَمَ، وانشرح ما أُبْهِمَ عليه واسْتَعْجَمَ، فهي شِفَاءُ العليل (٦)، وأُنْسُ المُسْتَوْحِشِ (٧) ".

كان النبي يقول: "يا بلال، أَرِحْنَا بالصلاة" (٨)، فأخبر أنه ما كان


(١) هو الإمام أبو بكر الطُّرطوشي، تقدَّم التعريف به في السِّفْرِ الأوَّل.
(٢) في (س): فقال.
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (د) و (ص): نُبْلُه.
(٥) في (س) و (ف): قال.
(٦) في (س) و (ص) و (ف): الغليل.
(٧) في (س): المتوحش.
(٨) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، رقم: (٤٩٨٥ - شعيب).