للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو عبد الله الرُّصَافِي الصُّوفِي (١): أخبرنا (٢) علي بن سعيد (٣): أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوارث قال: "رأيتُ يحيى بن مالك بن عائذ (٤) - وهو شيخٌ كبيرٌ - يُهَادَى إلى المسجد، وقد دخل والصلاة تُقام، قال: فسمعته يُنْشِدُ بأعلى صوته:

يا ربُّ لا تَسْلُبْنِي حُبَّها أبدًا … ويَرْحَمُ الله عبدًا قال آمينَا (٥)

قال: فلم أَشُكَّ أنه يريد (٦) الصلاة" (٧).

قال علماؤنا: وهذا كلُّه إنما يريد الله به تَطْهِيرَنَا، وإنَّما يَرْجِعُ إلى منفعتنا؛ فإن الباري تعالى مُقَدَّسٌ أن يرجع إليه نَفْعٌ أو يَنَالَه مِنَّا خَيْرٌ، فيُطَهِّرُ أبداننا عن الأقذار ليجعل ذلك عُنْوَانًا لنا، لنُطَهِّرَ عن المعاصي ظَوَاهِرَنا، وعن الرذائل قُلُوبَنا، وعن الغفلات سَرَائِرَنا، ونُطَهِّرَ نِيَّاتِنَا عن التَّعَلُّقِ بالأمثال، وآمَالَنَا عن الإِكْبَابِ عليها في مُتَعَلَّقَاتِ الدنيا والاشتغال بها، ونُطَهِّرَ (٨) عقائدنا عن تَوَهُّمِه أو اتِّهَامِه (٩).


(١) هو الإمام العلاَّمة المحدث، أبو عبد الله محمد بن فتُّوح الحُمَيدي الظاهري، توفي عام ٤٨٨ هـ، لم يدركه ابن العربي، وإنما أدرك تلاميذه.
(٢) (س): أخبرني.
(٣) هو الإمام الحافظ أبو محمد علي بن سعيد بن حزم الظاهري، توفي عام ٤٥٦ هـ بلَبْلة، ويتصل به ابن العربي وبمصنفاته من جهة والده الوزير أبي محمَّد، رحمهما الله ورضي عنهما.
(٤) في (ص) و (س): عائد.
(٥) البيت من البسيط، وهو لمجنون ليلى في ديوانه: (ص ٣١).
(٦) في (د): أراد.
(٧) جذوة المقتبس: (ص ١٥٨).
(٨) في (د): يطهر.
(٩) في (س) و (ف): واتهامه.