ورُوحُها، ولا يَقْرَأ من الفَضَائِلِ إلا "زُهْدَ" أحمدَ بن حَنْبَل، وهَنَّادِ بن السَّرِيِّ، وشَيْخِهِمَا عبد الله بن المُبَارَكِ وشَيْخِ الإسلام في باب الزُّهْدِ.
وقد جاء في هذه الكُتُب فَضَائِلُ الأَشْهُرِ والأيَّام، فلا تَتَعَدَّوهَا إلى غَيْرِهَا؛ فإنَّ شَيْخَنَا أبا الفَتح - وكان من عُلماءِ العَصْرِ وأَزْهَدِهِمْ - عَمِلَ كتابًا سَمَّاهُ المِصْبَاح الدَّاعِي إلى الفَلاح، فَذَكَرَ فيه صلاةَ الأيَّامِ وصِيَامَها من كُلِّ باطِلٍ ومَوْضُوعٍ؛ أَضْعَفَهُ رِوَايَةً، وأَفْسَدَهُ مَعْنًى، مع تَقَدُّمِهِ في الفِقْهِ والرِّوايةِ، ولكنه لم يكن في فُرْسَانِ الرِّجَالِ، وهذه تَوْصِيَتِي في الله، والله يُيَسِّرُ لكم قَبُولَ نَصِيحَتِي، ويُيَسِّرُ لي تَوْبَتِي" (١).
وقال - أيضًا -: "فالتزموا - ألزمكم الله تحقيقه، ويسَّر لكم توفيقه - ما ألزمكم الشرع، وانتهجوا السبيل التي شَرَعَ لكم، وخُذُوا من الذِّكْرِ والدعاء الصحيح، وأعرضوا عمَّا سواه.
وقد انتدَبَ قَوْمٌ تَجَرَّدُوا للخير بزعمهم، لم يكن لهم عِلْمٌ بالحديث، فذَكَرُوا كل مُتَرَدِّيَةٍ ونَطِيحَةٍ في الذِّكْرِ والأدعية وغير ذلك، كابن نَجَاحِ، والسَّمَرْقَنْدِي، ولا عجب إلَّا من إمامنا وشَيْخِ العَصْرِ نَصْرِ بن إِبْرَاهِيمَ المَقْدِسِيِّ، فإنه جَمَعَ كتابًا في الزُّهْدِ، فجعل يُرَتِّبُ صلاة الأيام والأدعية، وهي كلها موضوعةٌ لا أَصْلَ لها، مناكيرُ لا يُعْرَفُ راويها.
واعتدى الناس على شريعتهم، واغتدَوا إلى صحائف ليست في تأليف؛ "كدعاء فلان"، و "تسبيح فلان"، فاللهَ الله عِبَادَ الله، أَقْبِلُوا على دينكم، واقبضوهُ بيده، وعَوِّلُوا على عُمَدِه، واقتدُوا بأئمته؛ مَالِكٍ، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وهي تَوْصِيَتِي