الثاني: ما ورد من وجوه ضعيفة ولم يُطعن في عدالة رواته، ومعنى هذا أنه يعتبر في الحسان ما كان قابلًا منها للاعتضاد، حتى لو لم يكن ما يعضدها من طرق أخرى، وهو أوَّل الضعيف، وهو الذي يقبله الإمام أحمد في أبواب الفضائل والرغائب.
وما يَرِدُ في هذا الكتاب من الحديث بإسناده إليه فحُكْمُه حُكْمُ سَنَدِه، والتبعة فيه على رواته لا على ابن العربي، فشَرْطُه إنما هو متوجه لما يورده هو جازمًا به، غير ذاكر لإسناده، ومع ذلك فقد يذكر عَقِبَ الحديث ما يفيد حُكْمَه عليه.
وأَخَذَ على نفسه في جملة ما أخذ أن يُعْقِبَ الحديث بحُكْمِه عليه، بيانًا لصحته أو حُسْنِه، أو ضعفه أو بطلانه، وذلك كثيرٌ في الكتاب، حتى إنه يذكر عَقِبَ ما يُخَرِّجُه أو يورده من أحاديث "الموطأ" أو "الصحيحين" ما يُثَبِّتُ حُكْمَ الحديث الذي ساقه.
واعتنى الإمام الحافظ ابن العربي بالدلالة على ما جاء في الباب من الأحاديث، فتَتَبُّعُه لمتون الحديث وقراءته وروايته لكُتُبِ السنة والآثار مكَّنته من هذه المعرفة الاستقرائية، فيذكر لك ما وَرَدَ في الباب، ثم ينبهك على أضعفه وأفسده، أو يجمع لك الصحيح منه، أو يدلك على موضعه، وغير ذلك (١).
وهذا الطريق الذي سلكه ابن العربي طريق مخوف، لا يسلم الناسُ منه إلا بجُرَيْعَةِ الذقن، لأن الإحاطة بالسنة والروايات والطرق يكاد يكون