للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القُرْبَةِ لرَبِّ العزة على الدوام، بالليالي والأيَّام، وقَطْع علائق المباحات، حتى يكون مُقْبِلًا بقلبه بالنية، وبَدَنِه (١) بالخدمة لله رب العالمين (٢).

وإذا كان لا يتكلم إلَّا بالذِّكْرِ (٣)، فكذلك لا يُقْبِلُ على طعام ولا شراب؛ لأن الطعام والشراب مُعْظَمُ مقصود الدنيا أو كلها، وإذا لم يُجَامِعْ - بإجماع - فأولى أن لا يأكل، أو هو مثله، إلَّا أن قَطْعَ الجماع دَائِمٌ، لأن مثله شُرعَ (٤) في الإحرام في الحج، ودوامُ قَطْع الأكل لم يُشْرَعْ مثلُه، ولا (٥) يصحُّ أن يُشْرَعَ لما فيه من الهَلَكَةِ، فكان الصَّوْمُ والفِطْرُ في وَقْتَيْهِمَا جميعًا بين الأمرين؛ في حَقِّ العبادة، وحق النفس المتعبدة، فيُوَفِّي كلَّ ذي حَقٍّ حقَّه.

وتَبَيَّنَ (٦) أن المقصود من الاعتكاف تفريغُ العبد نفسَه بالكُلّيَّةِ من كل وَجْهٍ لله سبحانه في المَحَلِّ المخصوص بالعبادة، ولهذا قال مالك (٧) -: "لا يَقْرَأُ العِلْمَ" (٨)، لأنه عنده من أسباب (٩) الدنيا، وقال غيره:


(١) في (د) و (ص): ببدله.
(٢) ينظر: المسالك: (٤/ ٢٥٣).
(٣) في (د): بذكر الله، وفي (ص): بذكر.
(٤) سقط من (س) و (ص) و (ز).
(٥) في (د): لم.
(٦) في (س) و (ف): يبيِّن.
(٧) قوله: "" لم يرد في (د) و (ص).
(٨) المدونة: (١/ ٢٢٩)، وينظر: المسالك: (٤/ ٢٥٤).
(٩) في (ص): باب.