للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا ما جُفِيتُ كُنْتُ حَرِيًّا … أن أُرَى غَيْرَ مُصْبِحٍ حَيْثُ أُمْسِي (١)

السَّابع: الهِجْرَةُ من أرض الفتنة، قال النبي : "خَيْرُ مال المسلم غَنَمٌ يتبعُ بها شَعَفَ الجبال (٢) ومواقع القَطْرِ، يفرُّ بدِينِه من الفِتَنِ" (٣).

وقد قال ثوبانُ لأبى عامر: "اسجن نفسك، واتخذ (٤) حمولة وأَنْسَاعًا، وأربعين عَنْزًا شقْرًا (٥)، فكأني بك قد أُخرجت منها كفرًا كفرًا، قال: وحَذَّرَنِي (٦) فَضْلَ المال" (٧).

فهذه حالة؛ فإذا ظَهَرَ الفسادُ في البر والبحر فليَقْصِدْ أَمْثَلَ البلاد؛ فإنَّ الله سبحانه لا يُسَوِّي بينهما في الفساد أبدًا، إلَّا عند قيام السَّاعة.

وقد تقدَّم حديثُ سعد بن أبي وقاص في اعتزاله في الفتنة (٨)، وكذلك فَعَلَ جماعةٌ من الصحابة؛ لأن الفتنة ظُلْمَةٌ، وقد يُنِيرُ فيها التأويل، وقد يُظْلِمُ، وظُلْمَتُه أكثر، فكان الحَزْمُ تَرْكَها وهِجْرَتَها.

قال النبي : "المُهَاجِرُ من هَجَرَ ما نهى الله عنه" (٩).


(١) البيت من الخفيف، وهو للبحتري من قصيدته السينية العصماء في وصف إيوان كسرى، وهي في ديوانه: (٢/ ١١٥٤)، وفيها: "جديرًا" بَدَلَ "حريًّا".
(٢) سقط من (س).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في (س) و (ف): وأَعِدَّ.
(٥) في (ص) و (ز): شعرًا.
(٦) في (س) و (ف): وحذَّرني حذَّرني.
(٧) الفتن لنُعَيم بن حمَّاد: (ص ٤٠٥)، وفيه: اشحذ سيفك.
(٨) في السِّفْرِ الأوَّل.
(٩) تقدَّم تخريجه.