للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنازلُ الكرام نستوي فيها الأقدام؛ فلا ترتيب فيها إلَّا بالأعمال، ولا صَدَّ ولا طَرْدَ (١)، وإنما هو كله وِصَالٌ واتصال، فإذا وصل العبد إليه فليُكْثِرْ من ذِكْرِ من قصد إليه، وليَسْتَوْفِ منافعه بنيَّة خالصة؛ كما قدَّمنا وجوهها، وهي منافع الآخرة ليس للدنيا في ذلك حَظٌّ، ولينحروا (٢) هداياهم ليُطعموها الفقراء إحياءً لسنة نبيِّهم، وصاحب مِلَّتِهم، ومُعَرِّفهم (٣) بتسميتهم، وأبي (٤) حَبِيبِهم وصَفِيِّهم، وتكون مطاياهم يوم رَجْلَتهم، ويأخذوا في قضاء التّفَثِ، وهذا حَرْفٌ لم يعلمه (٥) إلَّا قليل، منهم مالك بن أنس (٦).

وحقيقته عندي: تمامُ العبادة لتطهير البدن والقلب، وفي ذلك الوفاء بالنذر؛ لأنه عَقَدَ النيَّة بقلبه (٧) في الإحرام ونَطَقَ بلسانه، فإن عَقَدَ التوبة فلا يَحُلَّها (٨) ولا يَنْفُضْها فيرجعَ إلى العصيان.

ومن عَقَدَ اعتناق الطاعة فلا يَحُلَّ يدًا عن عاتق، وإذا طاف بالبيت فمعناه قُصُورُ الآمال عليه، فليقتصر بأمله على الله ﷿، ولا يُعَلِّقْهُ (٩) بسواه، وليُعَظِّمْ حرمات الله تعالى.


(١) قولُه هذا اقتبسه من لطائف الإشارات: (٢/ ٥٣٧).
(٢) في (س) و (ف): ليتحرَّوا.
(٣) مرَّضها في (د)، وفي الطرة كلمة لم أتبينها لسوء التصوبر.
(٤) في (د) و (ص): أي.
(٥) في طرة بـ (س): يعقله، وصحَّحها، كما صحَّح ما أثبتنا.
(٦) قال الإمام مالك: "التفث حلق الشعر، ولبس الثياب، وما أتبع ذلك مما يحل به المُحرم"، ينظر: أحكام القرآن: (٣/ ١٢٨٢ - ١٢٨٣).
(٧) في (س): بقلب.
(٨) قوله: "فلا يحلها" سقط من (د) و (ص).
(٩) في (د): يسأله سواه.