للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحُجُبِ ووصولها إلى قلب السُّكَّرِ (١)؛ وتأثيرها فيه بكثرة الملازمة، وطول المجاورة، وتمادي الصحبة، وجعل يضرب لذلك مثلًا للقلب وتأثيره بما عليه (٢) من الحُجُبِ بما يُلقى (٣) إليه، حتى مضى أكثرُ النهار، وما انقطع له الكلام بكل نادرة.

أخبرني أبو عبد الله محمد بن قاسم العُثْمَانِي (٤)، قال لي: إن مصر كما تراها من غلبة الفجور، واستيلاء الفسق، وعلانية الملاهي، وتَجَرُّمِ الخلق، وانهماكهم (٥) في كل معصية، ولا يقدرُ أحدٌ من خَلْقِ الله على التغيير، وما كان أبو الفضل الجوهري ولا غيرُه ممَّن يستجرئ على الخروج منها، فاتَّفق ليلة أن يَبِيتَ في جواره دَسْتٌ عظيم (٦)؛ من زَمْرٍ وطَبْلٍ ودَكٍّ، فشغله ذلك عن العبادة، وأصبح إلى المجلس وقال: يا أصحابنا (٧)،


(١) في (د): قبب.
(٢) في (د): ضرب عليه، وعلى "ضرب" تضبيب.
(٣) في (د): يلقي.
(٤) الفقيه الشَّهِيد، محمد بن قاسم العُثماني، أبو عبد الله الكاتب، نزيل بيت المقدس، روى عنه ابنُ العربي "نوادر أبي الفضل الجوهري"، و"قصيدة ابن عبد الصمد السرقسطي" في إكرام الشيوخ والبِرِّ بهم، وسمعها منه ببيت المقدس، وروى عنه "قصيدته في مناسك الحج"، وسمعها منه بمصر، ويُفْهَمُ من نَعْتِ ابن العربي له بالشهيد لأنه من جُمْلَةِ من استُشْهِدَ من المرابطين ببيت المقدس، فتكون وفاته في شعبان من عام ٤٩٢ هـ، عند دَخْلَةِ الصَّلِيبِيِّينَ، ينظر: قانون التأويل: (ص ٨٩)، وأحكام القرآن: (٤/ ١٧٤٢)، وفهرس ابن خير: (ص ٥٠٧).
(٥) في (د) و (ص): انهمالهم.
(٦) سقط من (س).
(٧) في (س) و (ف) و (ص): "وقال: أصحابي".