للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الحافظ أبو بكر (١) : الآية عامَّة في المؤمنين، إلا أن هؤلاء الأولَ أوائل، وكلُّ (٢) من بعهدهم أواخر، وهذا ذِكْرُهم في التوراة، وذكرهم في الإنجيل ﴿كَزَرْعٍ﴾: مُحَمَّدٌ، ﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾: أَصْحَابه (٣)، كان واحدًا (٤) ثم تتامَّت إليه الصحابة، فيقوى ويَشْتَدُّ، ويَعْظمُ وتكْثُرُ؛ حتى يستوي على سُوقِه، وتظهر ثمرته، ونعم منفعته، ليغيظ بهم أجمعين الكفَّار، هم قُرَّةُ عين الولي، وغَيْظُ عين الحسود، فكلُّ من قرَّتْ عينه بهم فهو مؤمن، وكُلُّ من كَرِهَ منهم واحدًا فهو كافر (٥).

قال مالك: "لا أرى في الفيء حقًّا لمن لم يكن على مقتضى قوله: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: ١٠] " (٦).

وقد أَحْسَنَ القائل:

وعَامِل بالذنوب يأمرُ بالبِرِّ … كهَادٍ يخوضُ في الظُلَم

أو كطبيب قد شَفَّه سَقَمٌ … وهو يُدَاوِي من ذلك السَّقَم

يا واعظ الناس غير متعظ … نَفْسَك عَاتِبْ أو لا (٧) فلا تَلُمِ (٨)


(١) في (د): قال الإمام الحافظ، وفي (ص): قال الإمام أبو بكر بن العربي.
(٢) في (س): كان.
(٣) في (س): أبو بكر وأصحابه، وفي (ص): ﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾.
(٤) في (س): واحدًا منهم.
(٥) يُقارَن بما في لطائف الإشارات: (٣/ ٤٣٤).
(٦) مسند الموطأ للجوهري: (ص ١١٢)، والانتقاء لابن عبد البر: (ص ٧٣).
(٧) في (د): أولى.
(٨) الأبيات من المنسرح، وهى لأحمد بن يوسف الكاتب، يعاتب جارية له، وهي في الأغاني: (٢٣/ ١٢٨)، وزهر الآداب: (٢/ ٤٨٧).