للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُغْشى عليه (١)، ويَرْفَضُّ عَرَقًا، ثم يُفِيق أزهر اللون، حاضر القلب، حَدِيد الذهن نشيطًا، والذي يتخبَّطه الشيطان من المَسِّ بعَكْسِه، فجعله (٢) الله آية في فتنة، وقد قال الله تعالى (٣): ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٤٦]، ولكنهم عَمُوا عن الرشد، وصَمُّوا عن الحق، ولا يستوي الأعمى والبصير.

وكما لا يتمَاثَلُ الضوء والظلام، كذلك لا يستوي الأعمى والبصير، كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ﴾ [فاطر: ١٩ - ٢١]، وكما (٤) لا تستوي هذه المعاني، كذلك لا يستوي العالم والجاهل، والمؤالف والمخالف، والمساعد والمعاند، والموصول والمقطوع، والمقبول والمردود، والمُقَرَّبُ والمحجوب، والمصطفى في البداية والمُقْصَى في النهاية، ولا من أشهدناهُ خَلْقَنا، ولا من أغفلنا قلبه عن ذِكْرِنا، وإذا أَمْعَنَ في الفكرة، وصَقَلَتْ قلبَه العِبْرَةُ، ووَقَفَ على ما هو عليه من الصفة؛ عَلِمَ أنه فقير حقير (٥)، وأنَّ خالقه وربَّه الغني الحميد العظيم، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر: ١٥]، وهو:


(١) سبق تخريجه.
(٢) في (د) و (س) و (ص): جعلها، ومرَّضها في (د)، والمثبت صحَّحه بطرته.
(٣) قوله: "الله تعالى: قل" لم يرد في (س) و (ص) و (ف).
(٤) في (د): كما.
(٥) في (د): حقير فقير.