للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحتمل أن تكون الملائكة تسأل المغفرة للكُفَّارِ بالتوفيق لمُبَاشَرَةِ (١) سبب المغفرة، وهو الإيمان، كما رُوي أن نبيًّا كان قومه جرحوه فيقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (٢)، ولكن ليس ذلك في شَرْعِنَا.

وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد: ٦]، ولولا ظلمهم وذنوبهم ما كان غَفَّارًا، ولولا كونُه غَفَّارًا ما أذنبوا، وهو الأَصْلُ والأَوْلَى.

ومغفرتُه للكفَّار بإمهاله، وللمؤمن بإفضاله، فكلُّ أحد نالته مغفرته ورحمته، ولكنَّها مكتوبة على الإطلاق ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، يعني: الشرك؛ فلا يسجدون لغيري، وكل من لم يُصَلِّ فهو سَاجِدٌ لغير الله بفِعْلِه.

وقال: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾، بيانًا أن حقوق الآدميين لا يغفرها إلَّا برضاهم.

وقال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾، المعنى: لا يَرَوْنَ فِعْلًا إلَّا لنا، ومن زَعَمَ أن مع الله فاعلًا فهو كافر (٣).

والذين يتبعون الرسول النبي الأمي؛ هو مُنَبَّأٌ من الله، رَفِيعٌ عنده، مأمورٌ بالإبلاغ إلى الخلق، وكم من نبي لم يُرْسَلْ فجَمَعَ الله له الفَضِيلتين؛ فَضْلَ الرسالة، وفَضْلَ النبوة، وزاده فضيلة أن جعله أُمِّيًّا، وجمع ذلك عَلَّمَه ما لا يقدر عليه (٤) الكاتب النِّحْرِيرُ، ولا العالم الماهر، أستغفر الله؛ بل أَلْف أَلْفٍ أو أزيد، إلى ما أوصله الله إليه من المعارف.


(١) في (د): مياسرة.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) في (ص): فقد كفر.
(٤) سقطت من (ك) و (ص) و (ب).