للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا (١) وجد العَبْدُ حلاوة الطاعة في نفسه نشأت المحبة، وآثَرَ الله على كل شيء، حتى على نفسه.

ومَحَبَّةُ الله للعبد إحسانه إليه ولُطْفُه به بعد إرادة ذلك له، وهي المحبة الأولى حقيقة، وقد تكون محبةُ الله له مَدْحَه (٢) له وثناءَه (٣) عليه، وقد بيَّنَّا حقيقة ذلك في كتاب "الأمد الأقصى" (٤)، والحمد لله (٥).

قال بعضهم: "وقد ظَهَرَتْ هاهنا منزلتان لكَرِيمَيْنِ، قال إبراهيم: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [إبراهيم: ٣٦]، وقال الله لمُحَمَّدٍ: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾، وهاهنا قَطَعَ أطماعَ (٦) الكافَّة أن تسلم لأَحَدٍ نَفْسٌ إلَّا ومقتداهم مُحَمَّدٌ، وإمامُهم سَيِّدُ الأوَّلين والآخرين أحمدُ" (٧).

قال في "فوائد الشَّهِيدِ" (٨): "هذه آية عظيمة؛ فإنَّه أخبر أن المحبة ليست باجتلاب طاعة معلولة، ولا تتجرد (٩) عن آفة، فإنه قال: ﴿يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾، فلم يجعل من شرط المحبة الخُلُوصَ عن الذنوب، بل أخبر أنَّها تكون مع الذنوب، وأن المحبة تُسقطها، وبيَّن أن المحبة تُوجب الغفران" (١٠).


(١) في (ك) و (ص): وإذا.
(٢) في (د): مدحة.
(٣) في (ك): ثناؤه.
(٤) الأمد الأقصى - بتحقيقنا -: (٢/ ٦٨).
(٥) قوله: "والحمد لله" سقط من (ك) و (ب) و (ص).
(٦) في (ص): الأطماع.
(٧) لطائف الإشارات: (١/ ٢٣٥).
(٨) أي: فوائد أبي سعد الزنجاني.
(٩) في (ب): بتجرد.
(١٠) لطائف الإشارات: (١/ ٢٣٦).