للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمراعاة كلها إنما تكون بالاعتقاد والأفعال لا بالأقوال؛ فإنَّ المنافقين يراعون الأقوال دون الاعتقاد والأفعال، ولذلك تضاعفت عقوبتهم؛ فكانوا في الدَّرَكِ الأسفل من النار.

ومن المواعاة رَعْيُ الأعمال في نفسها؛ بتقديم المُهِمِّ منها فالمهم، وأُصُولُها أن تبدأ بصلاح العقيدة قبل صلاح الأقوال، وخُلوص النية قبل مباشرة الأعمال، وبتطهير القلب من الدناءات قبل النظر في اكتساب المَكْرُمَاتِ.

ومراعاة الأحوال أوكد؛ فإن الموت لا تعلم متى يقدم عليك، أليلًا أم نهارًا؟ شابًّا أم كهلًا أم شيخًا؟ بغتة أم إنذارًا؟ نائمًا أو (١) يقظانَ، كم يوم طلعتْ فيه شمسُه بأرواح (٢) السَّعادة غربت على خلاف الإرادة.

وأشدُّ المراقبة سُرُورٌ يُخاف زواله.

أشدُّ الغم كَوْنٌ في سرور … تيقَّن عنه صاحبُهُ انتقالَا

أرى الدنيا على من كان فيها … صُرُوفًا لا تديم عليه حالَا (٣)

أنشدنا (٤) شيخُنا أبو الحُسَين (٥) أحمد بن عبد القادر (٦) بن يوسف الصُّوفِي:


(١) في (ك) و (ص) و (ب): أم.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): بأوج، وضبَّب عليها في (د)، والمثبت من طرته.
(٣) من الوافر، وهي للمتنبي في ديوانه؛ بتقديم البيت الثاني: (٢/ ٨٨٩).
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): وأنشدني.
(٥) في (د) و (ص) و (ك): الحسن، وهو تصحيف.
(٦) ضرب في (د) على قوله: "أحمد ابن"، ولا معنى لفِعْلِه هذا.