للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصوابه: لمَّا اتهمهم بالخيانة لاحظهم بغير الأمانة، وفيه كلام طويل بيانُه هنالك.

ومنها: "أن يعقوب لم تسكن نفسه إلى ضمانهم لِمَا سَبَقَ من شأنهم" (١).

ومنها: أنَّه قال: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾، فمنحته هذه الكلمة الصيانة عن الخيانة، وصانته عن المهانة إلى الكرامة، وبدَّلته بالفُرْقَةِ من أبيه (٢) لُقِيَّةً لأخيه، ولم يُصِبْهُ شيء من قِبَلِ القوم، وإنَّ في ذلك لآية للسَّائلين، وعبرة للمعتبرين، ما يُجْرِي الله على ألفاظ الآدميين من المقادير الكائنة، ويكشف به من الأغراض (٣) الكامنة.

قالوا ليعقوب: ﴿مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا﴾، وهو ما كان يَحْبِسُهُ عنهم تُهْمَةً لهم، وإنما كان شَفَقَةً عليه، ولكنهم لمَّا (٤) كانوا قد تشاوروا فيه وائتمروا به من قَتْلِه أو نَفْيِه استشعروا الخيانة، فنفوا عن أنفسهم تَعَيُّنَ (٥) الأمانة، ألا ترى إلى يعقوب كيف صرَّح بالعِلَّةِ، فقال: ﴿قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: ١٣]، ثم جاءه (٦) بآية، فقال: "وأخاف منكم الغفلة، فربَّما أكله الذئب".


(١) لطائف الإشارات: (٢/ ١٩٣).
(٢) في (ص): ابنه.
(٣) في (د): الأعراض.
(٤) في (ص) و (ب) و (ك): بما.
(٥) في (ب): يقين، وفي (ك): بعين، وما أثبتناه مرَّضه في (ص).
(٦) في (د): جاء.