للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا من قال: "وَدُّوا لو تكفر فيكفرون"، أو "تكذب فيكذبون"، أو "تُرَخِّصُ فيُرَخِّصُون"، فله وجه، ولكنه قصَّر فيه.

وأمَّا من قال: "لو تصعق فيصعقون"، فجزاؤه القلب والتصحيف بالسَّوْطِ لا باليد.

وفي هذه الآية غرائبُ من التفسير ومن استخراج المعاني من الألفاظ، تسمعونها - إن شاء الله -:

وذلك أن حقيقة "دَرَأَ": دَفَعَ، وحقيقة "دَهَنَ": لَانَ، من الدُّهْنِ، وهو اللَّيِّنُ من المائع (١)

وقد جاء لفظُ "دَرَأَ" محمودًا في الشريعة، ولم يأت لفظُ "دَهَنَ" إلَّا مذمومًا.

قال النبي : "فليدرأه ما استطاع" (٢).

ومن كلام السَّلَفِ الأوَّل: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" (٣).

وقال عمر في أبي بكر: "كنت أداري منه بعض الحَدِّ" (٤).

وحيث جاء "دَهَنَ" جاء مذمومًا، قال الله: ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ﴾ [الواقعة: ٨٤]، وقال: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾.


(١) ينظر: تفسير الطبري: (٢٣/ ١٥٧ - التركي).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري : كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، رقم: (٥٠٥ - عبد الباقي).
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الحدود عن رسول الله ، باب ما جاء في درء الحدود، رقم: (١٤٢٤ - بشار)، وإنما قال ابنُ العربي: إنه من كلام السلف؛ لأنه لم يصح عنده رَفْعُه، ورُوي مِثْلُه عن غير واحد من الصحابة .
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند عن عمر : (١/ ٤٥٢)، رقم: (٣٩١ - شعيب)، وهو طرف من حديث السقيفة.