للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظيم، ورأى الفضاء العريض قد غصَّ بهم: "اللهم اقبلني معهم وإن كنتُ زائفًا، فقد يسمح الناقد وإن كان عارفًا".

وكان الأستاذ أبو القاسم القُشَيري يقول: "من اعتقد أنْ على البسيطة شَرٌّ منه فهو متكبر" (١)، يعني: من المؤمنين؛ إذ لا تُعلم الحال في الأكثر منهم، ولا تُدرى (٢) حال الخاتمة فيه وفيهم.

ومن الحديث الحسن: أن رجلًا أثنى على عثمان في وجهه، فحَثَا المِقْدَادُ بن الأسود ترابًا في وجهه، وقال: "سمعتُ رسول الله يقول: احثُوا التراب في وجوه المدَّاحين" (٣).

ولذلك يكتفى في التزكية عند القاضي أن يقول: "ما علمتُ عليه إلَّا خيرًا، وأحسبه على حال كذا، ولا أُزَكِّي على الله أحدًا"، وهو مذهب البخاري (٤) وغيره.

ورأى فقهاء الأمصار أن يقول: عَدْلٌ، أو رِضًى، أو يجمعهما، على اختلاف بينهم في ذلك (٥).

وبقَوْلِ البخاري أَقُولُ في الدليل، والله أعلم بالتأويل.

وقد دخل ابنُ عباس على عائشة فقال ما نصُّه - في الصحيح واللفظ للبخاري -: عن ابن أبي مُلَيكة قال: "استأذن ابنُ عبَّاس على عائشة


(١) لطائف الإشارات: (٣/ ٤٨٨).
(٢) في (ص): ندري، وفي (ب): يدرى.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخِيفَ منه فتنة على الممدوح، رقم: (٣٠٠٢ - عبد الباقي).
(٤) الجامع الصحيح: (٣/ ١٧٦ - طوق).
(٥) الرسالة: (ص ٢٢٣ - أصل ابن الأزرق).