للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الحافظ (١): قد بيَّنَّا في كتاب "المُشْكِلَيْنِ" (٢) حال الأنبياء، وأنهم لا يَكْفُرُونَ بالله في حال؛ لا قبل النبوة ولا بعدها، ولكنهم تأتيهم الرسالة وهم لا يعلمونها (٣)، فتَرِدُ على قلوب سليمة، وتطَّرد على مناهج مستقيمة، قال الله في مُحَمَّدٍ: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ [الشورى: ٥٢].

قيل: هو المخاطب، والمراد الأمة.

وقيل: المراد به: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ﴾ لولا الرسالة، ﴿وَلَا الْإِيمَانُ﴾ لولا الهداية.

فلم يكونوا يعرفون الإيمان، ولا كانوا يكفرون، وإنَّما كانت قلوبهم مخلوقة على الفطرة، سليمة من الباطل والبدعة، فعلَّمها الله الفضائل كما علَّم جميع الخلق المنافع، بقوله: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]، فكُلُّ ما لم يكن به عالمًا ثم عَلِمَه كان داخلًا في الآية.

وإنَّما بقي (٤) وَجْهُ التعلق من قولك: ﴿ضَالًّا﴾، والضَّلَالُ على قسمين:


(١) في (ك): قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي ، وفي (ب): قال الإمام القاضي .
(٢) ينظر: المتوسط في الاعتقاد - بتحقيقنا -: (ص ٣٧٠).
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): يعلمون بها.
(٤) سقط من (ك).