للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودَارَ الخَلْقُ على هذا المعنى وطفقوا يمشون حَوَاليه، فما انتهوا إليه، قالت الحكماء: "المرء بأصغريه"، يعني: قلمه ولسانه.

وقال الآخر (١):

ترى الرجلَ النحيف فتزدريه … وفي أثوابه أَسَدٌ هَصُورُ (٢)

وقال (٣):

فإن أَكُ في شراركم قليلًا … فإني في خياركم كثيرُ (٤)

فلمَّا جهلوا الأحوال وغفلوا عن المآل نُبِّهُوا عليه.

وقيل: إن كانوا (٥) يسخرون من الذين آمنوا فهم الذين اتقوا؛ يكونون فوقهم يوم القيامة، يعني: في دار الرِّفْعَةِ، وفي مَحَلِّ المنازل، فأمَّا الدنيا فهي مقلوبة، قد يرتفع فيها الكافر والوضيع والجاهل، ويكون المؤمن والرفيع والعالم تحت الخمول، وهو عند الله بالمَحَلِّ الجليل فلا يلتفت إلى الدنيا (٦)، فبيْن يديه (٧) المُلْكُ والمنزلة العليا، "رُبَّ أغبر ذي طِمْرَيْنِ (٨) لا يُؤْبَه له، لو أَقْسَمَ على الله لأبرَّه" (٩).


(١) في (ب): الشاعر.
(٢) البيت من الوافر، وهو للعباس بن مرداس ، من جملة أبيات هي في ديوان الحماسة: (٢/ ٣١)، ولطائف الإشارات: (٢/ ١٣٢).
(٣) بعده في (ك) و (د): الآخر، وفي (ب): آخر.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ١٣٢)، وهي للعبَّاس السَّابق من نفس القصيدة،
(٥) في (ك) و (ص): كان.
(٦) في (د): في خـ: فلا تلتفت إلى الدنيا فتنال بذلك.
(٧) في (ك) و (د): بذلك.
(٨) الطِّمْرُ: الثوب البالي الخَلِق، تاج العروس: (١٢/ ٤٣٣).
(٩) تقدَّم تحريجه.