للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمته التي هي أَتَمُّ من رحمة الأمهات (١)؛ إِذْ لم يَكِلِ (٢) المولود إلى الأبوين حتى حَدَّ حدوده التي عَلِمَ (٣) قيام المصلحة بها للكل، حسب الطاقة، وعلى مقدار الوُسْعِ، ومع عدم المُضَارَّة.

وذَكَرَ الفِصَالَ مقرونًا بالتواضي؛ إذ يبعد أن يتَّفق الأبوان على مضرَّة الولد، ورفع الجناح بعد المشاورة، وخلوص القصد إلى الصلاح، فاشتملت الآية على تمهيد طريق الصححة، وتعظيم محاسن الأخلاق، وختمت بالتقوى في ذلك كله لنية فاسدة، أو حالة عن المصلحة حائدة، وأكَّد دلك بالتنبيه على عِلْمِه بالأعمال، وبَصَرِه بعلانيتها وسَرِيرَتِها.

السَّابع والعشرون: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (٤)

ذَكَرَ الله تعالى حُكْمَ الصَّدَاقِ عند الطلاق في الإيفاء والإسقاط، ونبَّه على التَّرْكِ، وحضَّ على الفضل في العفو، تنبيهًا على أن من راعى الفَضْلَ أوشك أن يُرَاعِيَ الفَرْضَ (٥)، ولذلك يُستدَلُّ بمحافظة (٦) العبد على نافلته على مراعاته لفريضته.

ونسيانُ الفضل ينشأُ عن البخل (٧)، وهي خصلة دنيَّة، ولمَّا كان استيفاء الحق جائزًا نبَّه على أن تركه أقرب إلى التقوى ممَّن تركه منهم، فإنه


(١) لطائف الإشارات: (١/ ١٨٤).
(٢) في (ب): يكن.
(٣) مرضها في (د)، وفي الطرة ما لم أتبين قراءته لطَمْسٍ لَحِقَه.
(٤) [البقرة: ٢٣٥].
(٥) لطائف الإشارات: (١/ ١٨٧).
(٦) في (ك): لمحافظة.
(٧) لطائف الإشارات: (١/ ١٨٧).