للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصوص؛ فإنها وإن كان أعدَّها للكافربن فربما عَذَّبَ بها المؤمنين (١)، ولكن فيها بِشَارَةٌ من دليل الخطاب؛ أنها دَارٌ لم تُبْنَ للمؤمن، وإنَّما بُنِيَتْ للكافر، فإن دَخَلَهَا لم يَدُمْ فيها وأُخْرِجَ في الحال عنها؛ فإنه عَارِيَةٌ فيها، كرَجُلٍ في دار غيره.

الرَّابع والأربعون: قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (٢)

وهذه الآية عظيمة؛ فإنه قال في أوَّلها: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾، وذلك أنه كانت بهم جراحات ورجعوا، ثم دعاهم النبي إلى الخروج فخرجوا على ما بهم من النَّكْءَ والقَرْحِ والجرح، وأجابوا داعي الله، ثم قال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾، وخروجهم إحسان، ولكنه شَرَطَ عليهم فيه الإحسان؛ لأنه يحتمل أن يكون منهم من خرج حُبًّا (٣)، أو خرج لأنه رأى صاحبه قد خرج فخاف التعيير، "والإحسانُ أن تعبد الله كأنك تراه" (٤)، ويجب عليهم أن يخرج كل واحد منهم كأنه وحده، كما قال أبو بكر لعُمَرَ في أهل الرِّدَّةِ: "أُقاتلهم وَحْدِي حتى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي" (٥).


(١) في (ك): المؤمن.
(٢) [آل عمران: ١٧٢].
(٣) في (ص): حياءً.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.